أفرزت الانتخابات المحلية الأخيرة في بلدة تل السبع بمنطقة النقب، جنوبي البلاد، عن فوز المرشح الشاب والممرض عمر أبو رقيق  برئاسة المجلس المحلي بعد حصوله على 2915 صوتا في الجولة الانتخابية الأولى، وهو العدد الأقرب إلى عدد الأصوات (2960 صوتا) الذي كان يحتاجه لاجتياز نسبة الحسم.

وأجرى "عرب 48" حوارا مع الرئيس المنتخب لمجلس تل السبع المحلي، عمر أبو رقيق الذي لم يتجاوز سنه الثلاثين عاما، حول الفوز في الانتخابات المحلية والمرحلة المقبلة في البلدة.

من هو عمر أبو رقيق؟

تخرج عمر أبو رقيق من مدرسة البيان في تل السبع بتفوق، وشغل منصب رئيس مجلس الطلاب في الثانوية، وكان ممثلا للطلاب في تل السبع في اللجنة القطرية، ومن ثم توجه للأكاديميا ودرس موضوع التمريض في جامعة بئر السبع، وتخرج بامتياز، ثم عمل ممرضا، وهو يدرس اليوم اللقب الثاني في موضوع القيادة والسلطات المحلية. انتقل أبو رقيق إلى إدارة قسم الشبيبة في تل السبع لمدة سنة ونصف، واستطاع إنجاز عدة أهداف ونتائج إيجابية في مجال التربية اللامنهجية في البلدة.

"نطمح لتل السبع حديثة وعصرية" - أبو رقيق

حسم الانتخابات

تنازل المرشح موسى الأعسم عن الترشح في الجولة الانتخابية الثانية في تل السبع بعد حصول أحداث عنف في بهدف الحفاظ على المصلحة العامة في البلدة، وبتنازل الأعسم كان أبو رقيق قد حصل على دعم معظم القوائم الانتخابية في البلدة. 

وعن هذا الفوز، قال أبو رقيق لـ"عرب 48" إن  "فوزنا في الانتخابات المحلية هو فخر لنا، وأراه نتيجة جميلة لترجمة روح التآخي ومصلحة أهالي البلد الواحد على أرض الواقع. ويعود الفضل فيه إلى رؤية المرشحين العميقة بأن تل السبع أكبر منا جميعا وتستحق الأفضل، لذلك وجدنا معادلة رائعة ومفيدة جدا لنقود البلدة معا نحو واقع أفضل وأنا أرى تحصيله في متناول اليد". 

بلدة تل السبع

تعتبر تل السبع في النقب، جنوبي البلاد، ثاني أكبر تجمع سكاني عربي في المنطقة، يسكنها أكثر من 25 ألف مواطن. تأتي أهميتها أيضا من كونها أولى البلدات العربية المقامة بقرار من السلطات الإسرائيلية في النقب. وتعتبر تل السبع جزءا أساسيا من سياق أكبر، هو قضية التنظيم والبناء في النقب، فقد حاولت السلطات عند تأسيسها للبلدة الحديثة بناء نموذج "الجيتاوات العربية" الأول لعرب النقب والذي يعتمد على وضع أكبر عدد من السكان العرب على أقل قدر من المساحة، حيث كانت البلدة الأولى في مشروع البلدات السبع والذي سرعان ما أثبت فشله لعدم تلبيته الاحتياجات الاجتماعية ونمط الحياة للسكان. عانت القرية من التعامل الأمني معها منذ تأسيسها من قبل الشرطة ومؤسسات الدولة والتمييز في الميزانيات والهبات الحكومية لها، والبطالة، والفقر، وانعدام فرص العمل مع الانتقال من حياة البادية إلى التمدن الإجباري، الأمر الذي أدى إلى العديد من النتائج الاجتماعية السلبية.

المعاناة

تراكمت المشاكل في البنى الاجتماعية والتقت بالتمييز الحكومي والمدني والإدارات البلدية غير المهنية بعد أن أدارت شؤون البلدة لجان معينة حتى السنوات القريبة، وأدت إلى تشكيل حالة هي أقرب إلى "غيتو" وإجبار السكان على التعايش معها ومحاولة الإصلاح بأيديهم قدر الإمكان، وتقبل انسداد الأفق في تغيير حقيقي.

مشاهدة  التمييز الحكومي في الميزانيات كأمر واقع تبدو واضحة  في المقاربة بين تل السبع وبين جارتها "عومر"، اليهودية المصنفة على أنها الرابعة في سلم الرفاه الاجتماعي وجودة الحياة بين البلدات اليهودية والعربية في البلاد، وتحتل تل السبع المركز الأخير على نفس السلم.

وعن معاناة تل السبع، قال أبو رقيق، لـ"عرب 48" إن "تل السبع عانت أكثر من غيرها على مدار السنوات الماضية بسبب التمييز الحكومي الممنهج ضدها. عاش أهل تل السبع بلا أفق حقيقي لتغيير الواقع الحياتي، بسبب حجم التحديات المفروض وعدم وجود عنوان حقيقي للتغيير، وقضايا أخرى منها ملامح البلدة والنظافة في المرافق العامة والشوارع والساحات التي أصبحت عبئا ثقيلا على الأهالي، رغم وجوب رقيها لتوقعات المواطن كأمر أساسي وبديهي".

وأضاف الرئيس الجديد لمجلس تل السبع المحلي، أن "التربية والتعليم والنهوض بنتائج 'البجروت' وتحسين التحصيل العلمي للطلاب يبدأ ببناء خطط عمل جديدة والقضاء على عوامل مثل ظاهرة الغش في امتحانات 'البجروت' وأنا مؤمن بشكل كامل على قدرتنا في الانطلاق لإنجاز هذه الأهداف بسواعد أهالي تل السبع".

بداية العمل وتشكيل تل السبع الجديدة

"نستطيع بالوحدة تطوير تل السبع" - أبو رقيق

وأكد أبو رقيق أنه "أمامنا عدة أهداف واضحة، وفي أيدينا الأدوات لتحقيقها، فنحن نريد بناء تل السبع جديدة ومتطورة وعصرية، توفر الراحة لأهلها والخدمات العصرية والإنسانية للمواطن، نريد توفير الخدمات للمواطن افي تل السبع نفسها وبأعلى جودة ممكنة".

وأضاف أن "استخلاص العبر من التجارب الماضية، وفهم العملية التراكمية التي أدت إلى ما نحن عليه اليوم، والوفاء بالوعود، إلى جانب إشراك جميع القوى السياسية في التغيير هو الطريق لتحقيق ما نصبو إليه، ومما رأيت سابقا أشعر بالارتياح تماما إزاء دور كل الأطياف في تل السبع التي حافظت على سير الانتخابات بصورة ودية في الجولتين، الأولى والثانية، وكانت أجواء المحبة تسود البلدة، ففي تل السبع لم يخسر أي أحد والجميع فاز".

"عرب 48": ما هو النجاح في تل السبع بالنسبة لك؟

أبو رقيق: النجاح بالنسبة لي هو رفع مستويات الخدمات في البلدة. بناء ثقافة نظافة على أساس يومي وليس حملات سنوية أو شهرية. حل ضائقة السكن. رفع جودة التعليم. بناء مجتمع متماسك وقوي وتعزيز النسيج الاجتماعي والحفاظ عليه. الوصول بشباب تل السبع إلى أن يتركوا بصماتهم بإنجازاتهم وتحصيلاتهم ودورهم الأكاديمي والاجتماعي في كل مكان. حفظ حقوق المرأة العربية، وتعزيز الحالة الاقتصادية للأسرة، ونحن سنعمل على دعم الأم العاملة، والطالبة الأكاديمية، ودمج أكبر نسبة من النساء في العمل عن طريق توفير فرص عمل قريبة للمنزل تلائم احتياجات المرأة العربية. تل السبع هي بلدة ذات إرث تاريخي وشعب طيب، وبالإمكان أن نجعل هذا المشهد ظاهرا لضيوفها، هذا هو النجاح الذي أصبو إليه في بلدتنا تل السبع.

اقرأ/ي أيضًا | انتخابات تل السبع: التغيير عنوان المرحلة

اقرأ/ي أيضًا | تل السبع: المرشح موسى الأعسم يتنازل لعمر أبو رقيق